في احد الأيام ، دخل صبي يبلغ من العمر 10 سنوات، مقهى في أحد الفنادق، وجلس على الطاولة، فوضعت النادلة كأسا من الماء أمامه . سألها الصبي: بكم الآيسكريم بالكاكاو؟ أجابته الجرسونة : بخمسة ريالات, فأخرج الصبي يده من جيبه وأخذ يعد النقود، وسألها ثانية: حسنًا، وبكم الآيسكريم العادي؟. في هذه الأثناء، كان هناك الكثير من الناس في انتظار خلو طاولة في المقهى للجلوس عليها، فبدأ صبر النادلة في النفاد، وأجابته بفظاظة : بأربعة ريالات, فعد الصبي نقوده ثانية، وقال : سآخذ الآيسكريم العادي, فأحضرت له النادلة الطلب ، ووضعت فاتورة الحساب على الطاولة، وذهبت ,أنهى الصبي الآيسكريم، ودفع حساب الفاتورة، وغادر المقهى، وعندما عادت النادلة إلى الطاولة، اغرورقت عيناها بالدموع أثناء مسحها للطاولة، حيث وجدت بجانب الطبق الفارغ، ريالا واحدا ! لقد حرم الصغير نفسه من شراء الآيسكريم بالكاكاو، حتى يوفر النقود الكافية لإكرام النادلة «بالبقشيش».
هذه القصة وجدتها على الشبكة العنكبوتية (أنقلها كما هي بدون تصرف), و هي قصة لطيفة جداً, و تشير إلى معاني إنسانية عميقة. فمن المهم جداً ألا نقلل من قدر الآخرين, و ألا نحكم عليهم مسبقاً بأحكام غير عادلة و غير حقيقية دون أن نختبرهم و دون أن نعاشرهم.
هذه الجرسونة استخفت بهذا الصبي الذي أزعجها بأسئلته الكثيرة, في حين أنه حرم نفسه من أجل أن يترك لها ريالاً واحداً كبقشيش. إحدى مشكلاتنا في التواصل مع الآخرين هي الحكم عليهم من خلال صفاتهم الشكلية و الظاهرية, و عادة ما يكون الحكم سلبياً و مجحفاً و غير منصف. أو حتي من خلال مواقف نراها بأعيننا ونحكم علي اساسها دون بذل جهد لمعرفة سبب هذه التصرفات
ثقافتنا الشعبية و طريقة تربيتنا أدت بنا إلى أن نتعامل مع الآخرين بقسوة من خلال أحكامنا المسبقة و الجاهزة, و نحن بذلك نظلمهم ونظلم أنفسنا لأن الناس ستعاملنا بالمثل. كم من شخص حرم من فرصة وظيفية بسبب شكله أو صفاته الظاهرية, و كم من طالب حرم من درجة يستحقها بسبب حكم الأستاذ عليه من خلال شكله أو من خلاله اسمه أو من خلال لهجته! و كم من أناس ظلمناهم في حياتنا بناء على أوصاف في أجسامهم و أشكالهم, ثم بعد أن عاشرناهم اكتشفنا مدى طيبتهم و حبهم لنا.
هذه مأساة كبيرة و محزنة أن نختزل الإنسان في صفات شكلية لا حكم لها في واقع الحياة! لنعود أنفسنا عدم الحكم على الآخرين مهما صغروا أو اختلفوا عنا دون أن نتحدث معهم. لنتعود عدم التعميم على الآخرين, فإذا وقعنا في مشكلة مع شخص, فلا يكون هذا سبباً كافياً لنا لكي نعمم الحكم على كل من يرتبط مع الشخص بجنسية أو لغة أو عرق أو دين. الناس مختلفون, و لذا يجب أن تكون أحكامنا مختلفة لكل شخص بحسب تعاملنا معه.
منقول